هل الحب قبل الزواج ضروري لنجاحه ؟

لقد خلق الله تعالى الذكر والأنثى، قال عز وجل (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) سورة النجم 45، و حثهما على الزواج لإعمار الأرض، كما قال تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)  سورة النّور 32، وأضفى الله على الزوجين المودة والرحمة كما قال (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون) سورة الروم 21، فالمودة هي الحب بين الزوجين.

 القرآن و قصص عن الحب:
ورد في القرآن الكريم قصص عن الحب، منها قصة حب إبنة شعيب لسيدنا موسى عليه السلام، وقصة حب زليخة لسيدنا يوسف، وحب الرسول عليه الصلاة والسلام لسيدتنا خديجة إذ قال (إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا)، وأيضا أحب عائشة، ففي سنن الترمذي ومستدرك الحاكم من حديث عَمْرِو بْنِ العَاصِ أَنَّهُ قَالَ(يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ. قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا) .

الحب قبل الزواج :
يقول معتنقي فكرة أن الحب قبل الزواج ضرورة لنجاحه واستدامته، لأن الحب قبل الزواج هو حب حقيقي، صادق لا يتأثر بالعقل، وهو رابط قوي بين المحبين لا قاعدة له ولا منطق يفسره، وأن الحب يصل بالمحبين لمرحلة الهيام وعدم القدرة على ترك والابتعاد عن بعضهما البعض، وأن الواحد من الحبيبين يكمل الآخر، وكأن حبهما قد سيطر على عواطفهما وألغى عقليهما، وكلهم أمل أن يستمرا بالعيش بعد الزواج بأحلامهم الوردية، ولكن بعد فترة من الزواج قد يصطدموا بواقع جديد تفرضها الحياة الزوجية، فالكثير ممن خاضوا تجربة الحب ومشاعره الجميلة قبل الزواج، قد يقودهم  إلى أنهم شعروا بالندم بعد الزواج، وأنهم تسرعوا في قرار زواجهم، و انساقوا وراء عواطفهم، واختاروا الشخص الغير مناسب، من دون الأخذ بالمعايير المتعارف عليها عند الاختيار، لكن وبعد أن يبلغوا مرادهم ويشبعون هواهم، وتتحقق حاجتهم، يبدأ عقلهم بالتفكير بجدية مشاعرهم الحقيقية، إذ يجد كلا الطرفين، أن حبهما كان وهماً، وأن الواقع بعد الزواج أظهر لهما ما خفي عنهما، أو تغافلا عن رؤيته قبل الزواج، وهذا ما أكده أحد الباحثين الذي أعتبر أن الزواج القائم على الغرام والهيام قبل الزواج، متجاهلاً عناصر الشراكة بين الزوجين، مثل التقارب الفكري والاجتماعي والثقافي، وأن الرومانسية تزول بزوال أسبابه.
 أما أخصائيي علم الاجتماع، فإنهم يرون أن الظروف التي يعيش فيها الشريكان لها دور هام في زيادة واستمرارية الحب بينهما بعد الزواج، كالسكن المناسب، والدخل الكافي. وتعتبر الأخصائية النفسية بيزغادو أن الحب عاطفة متغيرة، وهو ليس شرطاُ لإقامة مؤسسة زوجية. كما بينت إحدى الدراسات، أن 85% من حالات الطلاق ارتبطت بالحب قبل الزواج في المجتمعات العربية.
أجري دراسة في بريطانيا حول هذا الموضوع، حيث وجد أن 31% من رجال الدراسة لامانع لديهم أن يتزوجوا من نساء إذا توفرت لديهن الصفات المطلوبة، ولو لم يكن هنالك علاقة حب قبل الزواج، وأن المودة بين الطرفين كافيان لخلق الحب. 

هل  الحب قبل الزواج ضروري لنجاحه واستمراره؟
إن الحب قبل الزواج ليست ضرورة حتمية لنجاح واستمرار الزواج، فكم من زيجات تمت بالتعارف، أو بالطرق التقليدية المتعارف عليها، واستمررت وكان عمادها المودة والرحمة، وأن الحب يأتي لاحقاُ من خلال العشرة التفاهم والمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة، لكن إن وجد حب قبل الزواج فهو ليس حراماً ولامرفوضاً، شريطة أن لا يحدث خلل في ميزان شرع الله في العلاقة بين الرجل والمرأة، فقد أمر الله عباده بأوامر إذا التزموا بها، فإنها تحفظهم من الشيطان وزلاته، منها فطرة الله في الحب لكن ضمن شروط وضوابط كغض البصر وحفظ الفرج والتعفف عن الحرام، قال الله تعالى (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ  وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) سورة النور 30 -31 . 
 
واخيرا:
نستخلص بأن الزواج الناجح يحتاج إلى تكامل بين عاملين يتفاعلان مع بعضهما البعض  العامل الأول هو القلب أي الحب إن كان قبل الزواج أو بعد الزواج، والعامل الثاني هو العقل، أي حسن اختيار الشريكان لبعضهما البعض، وكلما زادت المشابهة النفسية بين المتحابان، زاد التوافق والتقارب بينهما، وهذا يتماشى مع حديث الرسول عليه الصلاة والسلام إذ قال: (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف).
المقالات