ما هي الحكمة من مشروعية الطلاق

الطلاق نقيض الزواج، فالزواج يعرف لغوياً بأنه الازدواج والاقتران والارتباط وقد حث الإسلام ووجه المسلمين من ذكر وأنثى إلى الزواج حيث قال الله تعالى ﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ [ سورة التكوير: 7]
أي قرنت بأبدانها، كما قال ﴿وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ [الدخان:54]
 وتستعمل كلمة نكاح في معنى الزواج حيث قال الله عز وجل﴿ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء:3]
أما الزواج من الناحية الشرعية فهو  عقد يفيد ملك المتعة  أي حل استمتاع الرجل بامرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي، طلباً للاستئناس والنسل.
كما حث الإسلام كلاً من الذكر والأنثى إلى الزواج، وحسن اختيار كل طرف للآخر، من خلال دراستهم وتقيمهم لبعضهم البعض بشكل كافٍ في مرحلة الخطوبة، حرصاً على بناء أسرة تتمتع بمقومات كافية لاستمرار الحياة الزوجية بسلام
 كما حث على المحبة وحسن العشرة بين الزوجين، قال الله تعالى وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]
واعتبر رسول الله عليه الصلاة والسلام الزواج عبادة حيث قال (من رزقه الله امرأة صالحة، فقد أعانه الله على شطر من دينه، فليتق الله في الشطر الباقي).
أما الطلاق في الإسلام فهو (انفصال أحد الزوجين عن الآخر)، وعرفه علماء الفقه بأنه (حل عقد النكاح بلفظ صريح، أو كناية مع النية). 

ما هي أسباب الطلاق:
كما أسلفنا بأن الدين الإسلامي حث على الزواج، وحسن اختيار كل طرف للآخر، والتأني في الاختيار، من خلال دراسة أخلاق وطباع وسلوك الطرفين لبعضهما البعض خلال فترة الخطبة، من أجل بناء أسرة متينة، ورغم أهمية حسن الاختيار
 ولكن قد لايكون ذلك الاختيار موفقاً أو كافياً لضمان نجاح الزواج وتحقيق استقرار وديمومة الحياة الزوجية، لسبب من الأسباب كالحب الأعمى، أو السعي لتلبية الرغبات الجسدية، أو طمع مادي، أو مقام اجتماعي الخ….
أو قد تستجد في حياتهما بعد الزواج أموراً تكون سبباً لإثارة المشاكل بينهما، كمرض أحدهما، أو عجز جسدي، أو عدم القدرة على القيام بالوظائف الزوجية
وربما يكون مصدر الخلاف والشقاق بين الزوجين أمراً خارجاً عن إرادتهما، كتدخل أهل وأقارب الزوجين في حياتهما الزوجية، مثال ذلك تدخل الحموات وبنات الإٍحمى في شؤون الأسرة
 وقد يكون سبب الخلاف عاطفي كـ انصراف قلب أحدهما عن الآخر.

ما هي سبل تجنب الطلاق:
يجب على كلا الزوجين و من منطلق الحرص على حياتهما الزوجية و الأسرية أن يصبر ويحتمل كل منهما المصاعب  و ومحاولة أن يتغاضى كل طرف عن هفوات وتقصير وأخطاء الطرف الآخر قدر المستطاع
وأن يعطوا لأنفسهم فرصة أخرى حيث قال الله تعالى ﴿لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ۖ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النساء : 226] ﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [النساء :227] 
 أو يتدخل أهل الخير من طرفي الزوج والزوجة لرأب الصدع بينهما قال الله تعالى  ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾  [النساء :35] 

ما هي الحكمة من مشروعية الطلاق:
اذا لم يتمكن الزوجين من تخطي الخلافات، كون أسباب الخلاف والشقاق والنفور بينهما أكبر من قدرتِهما على التحمل والاستمرار في العيش مع بعضهما البعض، فقد سمحت الشريعة الإسلامية عندها بالطلاق، من أجل الفصل وإنهاء ما بين الزوجين من ضغوط نفسية، وصعوبات تمنع استمرارهما قال الله تعالى
 ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [الطلاق  :2] 
 وأشار الحديث النبوي الشريف إلى أن الطلاق مبغوض لكنه حلال من أجل التفريق بين زوجين حيث قال عليه الصلاة والسلام (ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق).
 وبعد الطلاق يستأنف كل منهما متابعة حياته، إما منفرداً بدون أي ارتباط، أو يرزق الله أحدهما أو كلاهما زوجاً جديداً يعوضهم بأفضل مما كان، ليستمرا في حياتهما، حيث قال الله تعالى ﴿فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [النساء :19] 

ما هي سلبيات الطلاق؟
 الطلاق أسفين يدق في بنيان الأسرة، فيحطم كيانها، لكنه قد يكون حلّ يحمل في طياته بعض الإيجابيات، و قد يكون مشكلة لها الكثير من الآثار السلبية
فأما الآثار الإيجابية تنحصر على الأغلب في راحة كلا الزوجين، بخلاصهما من مشاعر القلق والنفور والكره والصراع المستمر بينهما
 وأما الآثار السلبية فحدث ولاحرج، فهو يطال كيان الأسرة بكاملها إبتداً من الزوج والزوجة وانتهاءً بالأبناء بشكل خاص، فالآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون، وعلى مستوياتٍ مختلفةٍ، من اجتماعيةٍ، أونفسيةٍ أوماديةٍ، أوجسديةٍ، أواقتصاديةٍ، أوعاطفيةٍ، لذلك فقد صدق عليه الصلاة والسلام حين قال (ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق).

واخيرا:
يعتبر الطلاق من المشكلات الإجتماعية التي يمكن أن تهدد بنية المجتمع فيما لو تفاقمت واتسعت، لكنه المخرج الوحيد والأخير الذي يسلكه المتزوجون للخروج من دوامة الآلام النفسية والصراعات اللامتناهية التي يعيشون فيها داخل أسرتهم، والتي لم يكن لها نهاية إلا بالطلاق.
ما هي الحكمة من مشروعية الطلاق
المقالات