الزوجة أساس بناء الأسرة، فهي رمز لاستمرار النسل والبقاء، كونها ستنجب الأبناء وتصبح أم وتربيهم وترعاهم، وهي المناط بها غالباً نجاح او فشل الأسرة، كما قال الشاعر حافظ ابراهيم:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
ما هو عماد الأسرة السليم؟
الأسرة عمادها الزوج والزوجة والأبناء، وصلاح الزوج والزوجة ينتج عنه أبناء صالحون سيتابعون مسيرة صلاح آبائهم، ليكونوا مجتمع سليم، و لتكوين أسرة صالحة قوية الأركان يجب أن يحسن الزوجان اختار بعضهم البعض فأساس صفات الزواج، أن يكون اختيار طرفيه قائماً على منهج الله، وعلى المحبة والقناعة، وهي المقياس التي يتم من خلاله اختيار وقبول كلّ طرفٍ للطرف الآخر، فإن صلحا صلحت الأسرة التي سَينشئانها وإن فسدا فسدت الأسرة.
خلق الله الإنسان ذكر وأنثى:
خلق الله عز وجل الكون بازدواجية، فمنها السالب ومنها الموجب، فيه الذكر وفيه الأنثى سواءً كان أنساناً أو حيواناً أو نباتاً، كما قال الله عز وجل في محكم تنزيله (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى) النجم 45
(وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج) الروم 21، (أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم ) الشعراء 7، (فيها من كل فاكهة زوجان ) الرحمن 52.
لماذا شرع الله الزواج؟
شرع الله الزواج ورغب فيه لحكمةٍ، من أجل إعمار الأرض واستمراراً الحياة والوجود (ًوَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًااً) الفرقان 45 ، ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) النحل 72
وممّا يدل على قوّة و أهمية عقد الزواج، الوفاء به قول الله تعالى (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ) النساء 21
والرسول عليه الصلاة والسلام حث على الزواج واختيار الزوجة الصالحة، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (الدُّنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِ الدُّنيا المرأةُ الصَّالحةُ)، فإن الزوجة هي العنصر الأكثر أهمية في كيان الأسرة من أجل صلاح بيتها، ليعم فيه الخير والسلام، وكما قال عليه الصلاة والسلام (تزوجوا فإِنَّي مُكاثِرٌ بكم الأُمَمَ، ولَا تكونوا كرهبانِيَّةِ النصارى)، وكما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأْمُرُ بالباءَةِ، ويَنْهَى عنِ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شديدًا، ويقولُ: تَزَوَّجُوا الودودَ الولودَ فَإِنِّي مكاثِرٌ بِكُمُ الأنبياءَ).
ما هي صفات إختيار الزوجة الصالحة:
الزواج ليس أرضاء رغبة جسدية أو إنجاب فحسب، بل هو رحمة وسكينة واستقرار نفسي وجسدي، وامتثال لما أمر به الله عز وجل.
من الأسس التي يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار عند اختيار الشريكة، نذكر منها:
أن تؤمن بالله وتعرف حدود الله وشرعه، مستقيمة وتقية (البعيدة عن الادعاء بالتقوى الاستقامة)، وترعى أسرتها، وتعطي الزوج حقه وحق بيته حيث قال عليه الصلاة والسلام (والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ، وهي مسؤولةٌ عنهم)، مثقفة واعية مطّلعة ومتعلمة (قدر الإمكان)، يفضل البكر، الولود، المحبة والودود لزوجها وكما قال ابن القيّم في المحبة: (فالمحبّة شجرةٌ في القلب، عروقها الذلّ للمحبوب، وساقها معرفته، وأغصانها خشيته، وورقها الحياء منه، وثمرتها طاعته، ومادتها التي تسقيه ذكره، فمتى خلا الحبُّ عن شيء من ذلك كان ناقصًا)، وذات رأي نير، وقادرة على تحمل المسؤولية، خلوقة ذات أصل ومنبت طيب، وروحها مرحة، الابتسامة تعلو وجهها، وحسنة التعامل، تهتم بنظافتها ونظافة بيتها، حافظة لمال زوجها وعرضه قال الله تعالى (فالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ) - النساء 34، وكاتمة أسراره، ومن المهم الابتعاد عن زواج الأقارب قدر المستطاع لتجنب الأمراض الوراثية التي قد تظهر في الأبناء.
ما هي الصفات السيئة التي يجب الابتعاد عنها ؟
تحدثنا عن أهم الصفات المطلوبة لحسن اختيار الزوجة، لكن هنالك صفة سيئة أو أكثر قد توجد في الأنثي المراد الارتباط بها، إن وجدت فيجب الابتعاد عنها، فقد كان العرب قبل الإسلام وبعده، يحذرون أبنائهم من الإقتراب من عدة أنواع من النساء، وقد جمعهم لنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه رواه الأصمعي حيث قال: شر النساء ست، وهن: الحنانة، والأنانة، والمنانة، والحداقة، والبراقة، والشداقة.
الأنانة: هي كثيرة الأنين والشكوى من مرض قد يكون حقيقي أو وهمي، أو شكوى دائمة من تعب أو ظلم مفترض ألم بها وذلك كلما رأت زوجها.
الحنانة: وهي التي تكثر من الحنين لبيت أهلها، أو لزوجٍ سابق، أو لأولاد لها من زوج سابق لها.
المنانة: التي تعطي زوجها، أو تقدم له معروفاً ثم تمننه بما أعطته.
الشداقة: كثيرة الكلام، عالية الصوت، نمامة، و لسانها لا يفتر من كثرة الكلام خاصة في الأمور التافهة.
البراقة: هي كثيرة التزين والاهتمام بمظهرها أمام الغير، ليس من أجل إرضاء زوجها، لكن للتكبر وإظهار جمالها وأناقتها للآخرين.
الحداقة: وهي التي تنظر إلى ما يمتلك الآخرون بحسد وشهوة، وتطلب من زوجها أن يكون لها مثله.
إضافة للصفات السابقة، فقد أضاف الدكتور عمر عبد الكافي في أحد برامجه الصفات السلبية التالية: الشكاكة، الغيورة بشكل غير محدود، النكدية، الكذابة، المزاجية، العصبية، المتكبرة، النرجسية، الانطوائية، العنيدة، كثيرة الصمت.
لكن كيف للمتقدم للزواج أن يقف على الصفات الأيجابية أو السلبية لزوجة المستقبل، لاشك أن التأني في الاختيار، والبحث والسؤال، وفترة الخطوبة الكافية، يمكن تمنح المتقدم للزواج الجواب، ومن ثم القرار.