يُعرف مُصطلَح الَعضْل بالمَنْعُ والحَبْسُ، يُقال: عَضَلَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ، أيْ: مَنَعَها التَّزَوُّجَ ظُلْمًا، وعَضَلَهَا عن الزَّوجِ و أما شرعًا فهو منع الولي المرأة من أن تتزوج بالكفء من الرجال إن طلبت ذلك، ورغبت به ورغب بها.
و لقد حرم الإسلام تعالى العضل بقوله ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [سورة البقرة: 232]
وقال أبو جعفر: ذكر أن هذه الآية نـزلت في رجل كانت له أخت كان زوجها من ابن عم لها فطلقها، وتركها فلم يراجعها حتى انقضت عدتها, ثم خطبها منه, فأبى أن يزوجها إياه ومنعها منه، وهي فيه راغبة!.
وللعضل سلبيات كثيرة منها ظلم المرأة و التعدّي على حدود الله و تعريض المرأة الى آثار نفسية ومادية واجتماعية ومثل هذا الألم يكاد لا يندمل جرحه..
الحقد:
تحلم الكثير من الفتيات بيوم العرس منذ نعومة أظفارهم كما ينشأ لديهن شعور قوي نحو الزواج من رجل و تفجير مشاعرهن نحوه، ولكن قد تتعرض الكثير من الفتيات الى مشاكل عند عدم تلبية تلك الرغبات و بالتالي قد تحقد كثير منعهن على من قد قام بمنعهن عن تلك الأمور سواء كان ذلك الأب أو العم او الأخ.
حيث قال الغزالي في ذلك "إن من آذاه شخص بسبب من الأسباب وخالفه في غرضه بوجه من الوجوه، أبغضه قلبه وغضب عليه ورسخ في قلبه الحقد عليه، والحقد يقتضي التشفي والانتقام"
الضغينة:
يشير تعبير الضغينة إلى كبت مشاعر الغضب والمرارة والنقمة و أي مشاعر سلبية أخرى بعد فترة طويلة من قيام أحدهم بإيذاء شخص آخر كان ذلك جسديا او نفسيا و يكون ذلك استجابة لشيء قد حدث للتو و قد يتطور أحياناً بعد إدراك بأن هذا الشخص ضدك أو يخطط لأذية الشخص الآخر بغض النظر عن كون ذلك صحيحا او لا!
و الفتاه سوف تحمل الضغينة على من قام بمنعها عن ممارسة حقها الطبي في الزواج وتكون هذه المشاعر تراكمية أي كل موقف يزيد على ما قبله كالدلو الذي يعبأ بالماء فكلما سقطت نقطة فيه زاد حجمه الى ان يصل الى مرحلة الامتلاء وعدم استيعاب المزيد من الماء!
وهنا يمكن أن يصل بالشخص الى مرحلة الانفجار و اللاعودة و سينعكس هذا الامر على الفتاة و الاسرة و المجتمع بشكل كامل.
الانطوائية والعزلة والانفراد:
تصاب الكثيرات ممن تعرضن لتجربة العضل إلى انسحابهن من الحياة الاجتماعية حيث يرغبن في التخلص من كل ما حولهن من أشخاص وذلك للتعامل مع كل المواقف التي تواجهها في تلك المسألة و يكتفين بالاتساق مع الذات بعيدًا عن أفكار ورغبات وأراء الآخرين ممن حولها وهذا ما يجرها الى الاكتئاب شيء فشيء إلى أن يصل بها الحال إلى الاكتئاب الحاد!
عدم الاكتفاء الجنسي:
يعتبر عدم الاكتفاء الجنسي من النتائج الحتمية للعضل حيث وضع الله في قلوبنا ذكر ام انثى رغبات يجب أن نشبعها مثل الأكل و الشرب و الحاجة الجنسية و لتلبية الأخيرة أمرنا الله بالزواج، ولكن لا يمكن لتلك المرأة المسكينة أو الفتاة ان تشبع هذا الجانب في ظل عدم وجود زوج تكفيه و يكفيها!
ولقد قال ذو العقل و الحكمة في ذلك “وكم من فتاة محتاجة للزواج قد حيل بينها وبين ذلك، فذهبت لتشبع عواطفها وأحاسيسها بالحرام، وجرّت على أسرتها العيب والعار، وما كان السبب في ذلك إلا وليها حين منعها حقها الشرعي، وحال بينها وبين ما أحل الله تعالى لها!".
تجربة فتاة عن العضل:
قررت فتاة سعودية مقاضاة والدها بعدما رفض 12 عريسا تقدموا للزواج منها من دون مبرر ولقد أصبحت 37 عاما لذا قررت الذهاب الى المحاكم بعد أن رفض أهلها العرسان الذين تقدموا إلى خطبتها لأسباب تراها غير مقنعة.
وتقول" رأيت كل أنواع الذل فقد تحول منزلي وغرفتي إلى شيء يشبه السجن... لا انه السجن بحد ذاته, لقد اتهموني باني عاقة لأهلي وذلك فقط لأنني تمسكت بعريس تبادلت معه مشاعر اعجاب و تقدير ولم يقبلوا به كغيره من العرسان السابقين لعذر واهي، والان انا في حالة نفسية يرثى لها من كره و اكتئاب و قلق لما فعلوا بي هذا انا لم افعل شيء سيء لهم!! لقد أصبح عمري يناهز الـ 35 سنة!"
كلمات أخيرة:
أعطت الشريعة كلا من الرجل والمرأة الحق في اختيار شريك الحياة لذا لم تعط للوالدين سلطة الإجبار عليهما. و تمتلك الحرية الكاملة في اختيار الزوج بضوابط الشرع و بشرط الكفاءة.
ولولي أمرها التوجيه والإرشاد فلا يملك وليها سلطة ولا أن يجبرها على الزواج ممن لا ترضى عنه أو يعضلها فذلك ظلم وتعد على حقوق المرأة وهذا يتناقض مع شريعة الإسلام.
