التباين الفكري بين الزوجين وأثره على استقرار الأسرة

هل اشتراط الكفاءة بين الزوجين مهم؟
إن اشتراط الكفاءة بين الزوجين يعتبر مطلباً توافق عليه أغلب الفقهاء من أجل بناء الأسرة، وتحقيق مصلحتها واستقرارها ودرءً للمفسدة، كون الحياة الزوجية تستدعي أن يكون هناك تقارب وتوافق بين الزوجين في العديد من المجالات لتحقيق المحبة والوفاق والسكينة والمودة واستدامتها بينهما، وضماناً لاستقرار أسرتهم مستقبلاً، وحمايتها من أي عامل يمكن أن يتسبب في تفككها، قال الله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) سورة الحجرات  13. وكما قال عليه الصلاة والسلام في حديثه (تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم) صحيح الجامع
هل التوافق الفكري يدعم استقرار الأسرة؟
يعتبر التوافق بين الزوجين بشكل عام، والتوافق الفكري بشكل خاص، من العوامل الداعمة لاستقرار أسرتهم وديمومتها وحمايتها من التفكك، فهي تزيد من التقارب والتآلف والتحابب بينهما، وتكون جدار واقٍ لكل ما يعكر صفو العلاقة الزوجية وصفو الأسرة، فكلما قلت التوافقات بين الزوجين اتسعت الفجوة بينهما وتسلل الخلاف والنفور في حياتهما واقترب التفكك من أسرتهم.
الى ماذا يؤدي التباين الفكري بين الزوجين؟
عند وجود شكل من أشكال التباين الفكري لدى بعض الأزواج ولو كان هذا التباين بسيطاً، يؤدي هذا التباين إلى التنافر بين الأرواح والتباعد بين النفوس، وليكون مصدراً لنشوء المشاكل والاضطرابات والصراعات داخل الأسرة إن لم تعالج منذ البداية بحكمة وروية، وكلما زاد الاختلاف الفكري بين الزوجين زادت الهوة بينهما اتساعاً، كأن يكون لأحدهما وجهة نظر لكنها تتعارض مع وجهة نظر الآخر، وهذا يقود إلى اختلاف في المواقف والتوجهات والتصرفات، والذي يؤدي إلى أن يسعى أحد الطرفين إلى فرض رأيه وسيطرته على الطرف الآخر، ويمكن أن يكون هذا الفرض من باب العند والتسلط والنكاية، وبالتالي يزداد الاختلاف وتؤجج نار البغضاء والكراهية بينهما.
ما هي الآثار السلبية للتباين الفكري بين الزوجين؟
إن الآثار السلبية للتباين الفكري بين الزوجين لا تنحصر بينهما، لكنها يمكن أن تطال أطفال أسرتهما، فالكراهية الكامنة بين الأبوين سوف تنعكس على الأولاد بصيغة تعدي جسدي عليهم، فالأم التي تضرب و يمارس عليها العنف الجسدي من قبل زوجها، يدفع الأم وبشكل لا إرادي أن تضرب أولادها الذين يمثلون لها صورة أباهم المعتدى عليها وكأنها تنتقم من زوجها من خلال أولاده والذين هم أولادها أيضاً، فالخلافات الفكرية بين الزوجين عادة ما تترافق بصخب وصراخ وتعدي لفظي وقد تصل إلى تعدي جسدي يطالهما كزوجين ويطال أولادهما، فتصبح الأسرة غير مستقرة، وينفر الأولاد من أبويهم ومن بيتهم لأن منزلهم أصبح يمثل لهم الجحيم بعينه، فالبنت قد تسعى للزواج المبكر غير ناضج الأركان، والولد يسعى لقضاء أغلب أوقاته خارج المنزل، ويتسرب من المدرسة هرباً من خلافات وصراعات أبويه، وتصبح الأسرة غير مستقرة.
هل التوافق الفكري يمنع وجود السعادة بين الزوجين؟
إن التوافق الفكري يساعد على التفاهم في الحياة الزوجية ويهيئ فرصاً أكبر للتجانس بين الزوجين، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن الفارق في المستوى الفكري يمنع وجود السعادة بين الزوجين، فكثير من الرجال سعدوا مع زوجات لسن على قدر كبير من المعارف، لأن المرأة هنا تشعر أن الرجل هو زوجها وموجهها وراعي أسرتها، فتجتهد في احترامه وتقديره ومحبته، كما أن شخصية الرجل واحترامه لمشاعر وأحاسيس وأفكار زوجته، وكذلك شخصية الزوجة واحترامها لمشاعر وأحاسيس وأفكار زوجها، وحرص كلاهما على إظهار حقيقة كل منهما من أول يوم لهما، وصبرهما على بعضهما البعض عند الشدائد تُعد عوامل مهمة في إيجاد بيئة للتوافق والوفاق بينهما، ولا شك أن أفضل الطرق وأهمها في نيل السعادة الزوجية هو طريق الطاعة لله، والاحتكام لشرعه على هدى وخطى النبي صلى الله عليه وسلم. 
ما هي أهمية الصحة النفسية واستقرار الأسرة؟
 لا تقل سلامة الصحة النفسية للزوجين بأهميتها عن أهمية التوافق الفكري والعاطفي بينهما، لأن الصحة النفسية عامل مؤثر في توجيه سلوك وفكر الفرد، وأي خلل في الصحة النفسية سيؤدي ذلك إلى حدوث عدم توازن في عدة مجالات كالتواصل الفكري والنفسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي بين المريض نفسياً ومحيطه بشكل عام ومحيط أسرته بشكل خاص.
مازالت أغلب مجتمعاتنا العربية تعتبر أن إصابة أحد أفراد الأسرة بأي مشكلة نفسية لا يصنف مرضا يستوجب العلاج وإنما يتم تجاهله، أو أن يعالج بطرق غير سليمة، ويحمل المريض وصمة اجتماعية يمكن أن تزيد وتفاقم من حالته، فالمريض سيعاني هو شخصياً ويعاني من خلاله أفراد أسرته لمعاناته، فالشخصية النرجسية لأحد الأبوين على سبيل المثال تعتقد بأنها شخصية هامة تفرض ذاتها على المحيطين بها، وما على الجميع إلا القبول بأفكارها وسلوكياتها وقراراتها وعلى الجميع الامتثال لها، والتعامل المباشر مع مثل هذه الشخصية سيسبب أذية نفسية ستطال أفراد الأسرة خاصة الأطفال منهم، إذ سيصبحون متميزين بضعف الثقة بأنفسهم، وضعف بشخصيتهم، وعدم الاستقرار النفسي والقلق، ومحاولة هروبهم من واقعهم، والانطوائية، وفقدانهم لعامل أن أبويهم مصدر قوتهم وأنهم قدوة لهم. 
فسلامة الصحة النفسية للأسرة تعني سلامتها من المنغصات وتبعدها عن ما يؤدي بها إلى تفككها.
المقالات