الأسس الشرعية في بناء الأسرة واستدامتها

ما هي الاسرة؟
الأسرة هي البوتقة الأولى التي يتربى وينشأ فيها أفرادها، وتحفظ النسب والقربى والرحم، وهي أصغر الجماعات المكونة للمجتمع، ومن خلالها تنشأ التفاعلات بين أفرادها ليكتسبوا أنماط وسلوكيات مختلفة، وما ينتج عنها من أفكار ومواقف وتصرفات بصيغها المختلفة إيجابية كانت أم سلبية. 
ما هي أهمية استقرار الأسرة؟
يشكل استقرار واستدامة العلاقات الطيبة بين أفراد الأسرة الواحدة هدف رئيسي للمجتمع الصالح، ويتحقق هذا الهدف من خلال خلق تفاعل وتوازن إيجابي بناء بين كل من رغبات ومتطلبات واحتياجات أفراد الأسرة، للوصول إلى أسرة ملؤها الحب والدفئ والتفاهم. أما إن لم يتحقق التفاعل البناء بين أفراد الأسرة من حيث تباين الأهداف ومتطلبات أفرادها، فإنه سوف ينشأ ضمن كيانها شكل أو أشكال من الخلافات والصراعات يمكن أن تفرز طرز مختلفة من الخلافات، والتي بدورها ستلقي بظلالها سلباً على المجتمع.
ما هو التفكك الأسري؟
التفكك لغوياً هو الفصل، أما التفكك الأسري اصطلاحياً فهو فشل أحد أعضاء الأسرة بالقيام بواجباته نحو أفراد أسرته، مما يؤدي إلى خلل في العلاقات ونشوء التوترات في الأسرة وبالتالي تمزقها.
كانت الأسر في مجتمعاتنا تتمتع بروابط متينة تجمع بين أفرادها، ويطغى على تلك الأسر العديد من العادات والتقاليد المحمودة التي تشد من أزرها، لكن في زمننا هذا أصبحت تلك الروابط هشة، حيث بدأت أغلب الأسر تنحرف شيئاً فشيئاً عن تلك العادات والتقاليد الأصيلة التي ورثوها جيلاً عن جيل.
ما هي أسباب التفكك الأسري؟
للتفكك الأسري أسباب كثيرة ومتنوعة قد يصعب حصرها وتحديدها، وتتباين تلك الأسباب تبعاً للمجتمع المستهدف والبيئة الحاضنة له وللزمن الذي تحصل فيه المشكلة الأسرية، إضافة الى امكانية أن تتداخل عدة أسباب مع بعضها البعض، وتتغير تلك الأسباب تبعاً للظروف والتطورات من تغيرات اقتصادية واجتماعية وتقنية ...
ما هي نظرة الإسلام للأسرة؟
حظيت الأسرة في الإسلام بالاهتمام والعناية لأهميتها في بناء أمة المجتمع الإسلامي ومستقبله، حيث وضع لها إطار تربوي اعتماداً على قواعد شرعية تكفل قيامها على أسس سليمة، ويدعم العلاقات المتبادلة بين أفرادها، ويؤمن لها الحماية من عوامل الضعف والانحراف والانحلال والفساد، وتربية أجيال على القيم السليمة. 
ما هي مميزات الأسرة من منظور القرآن الكريم؟ 
الأسرة من منظور القرآن الكريم وشريعته يرى أن الأسرة تتميز بعدة خصائص منها:
1 – أحكام الأسرة مرتبطة بالعقيدة وبشكل قوي اعتماداً على الإيمان بالله وتقواه، قال الله تعالى (وَقَضٰى رَبُّكَ اَلَّا تَعْبُدُٓوا اِلَّٓا اِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ اِحْسَاناًۜ اِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ اَحَدُهُمَٓا اَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَٓا اُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَر۪يماً) سورة الإسراء 23.
2 – انطلقت  أحكام الأسرة في القرآن الكريم من قاعدة الخلق الأولى لجميع مخلوقات الله عز وجل، قال الله تعالى (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) سورة الذاريات 49.
3 – أحكام الأسرة ليست عامة، بل مفصلة تبعاً للحالة، كأحكام الزواج والطلاق، والميراث والوصية، والعلاقة بين الزوجين وواجبات كل منهما نحو الآخر، ودورهما في تربية وتنشئة الأبناء، والعلاقة المتبادلة بين الآباء والأبناء، كل هذا من أجل أن تضمن للإنسان حقوقه، وتحدد له واجباته للوصول به إلى سعادته وسعادة أسرته، وتحقق للأسرة الاستقرار المنشود.
4 – الزوج والزوجة متساويان في الحقوق والواجبات (إلا ما جاء في النص القرآني خلاف ذلك) لأن الأساس هو المساواة، قال الله تعالى (وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ) سورة البقرة 228.
ما هو تأثير حسن اختيار الشريك على الحياة الزوجية و الاسرة؟
حسن اختيار الزوجين لبعضهما البعض ومعرفة حقوق وواجبات كل منهما اتجاه الآخر وفق الأسس الشرعية يحقق الانسجام المنشود بينهما، وينشيء أسرة مستقرة بعيدة عن الخلافات، قال الله تعالى (وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ) الروم 21 .
 كما أن تغليب المظاهر الخارجية والنظرة المادية على النواحي الجوهرية في الزواج يؤدي إلى الانحراف عن المقاصد الشرعية من هذا الزواج، ويعطي المجال للتفكك الأسري لاحقاً قال الله تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) طه 124. 
فأساس الاختيار السليم بين الزوجين يعتمد أولاً على الناحية الشرعية كالدين والخلق، ومن ثم المال والحسب والجمال، قال صلى الله عليه وسلم (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك).
إن اتباع الاسس الشرعية عند بناء الأسرة، يضمن صلاحها وديموميتها ويبعد أفرادها عن التباعد والتنافر بين بعضهم البعض، وبالتالي يصونهم ويصون الأسرة من تفككها.
المقالات