أزمة الزواج

الأزمة (جمع أزمات) من حيث التعريف هي (الشدة والضيق، القلق والارتياب)، وتستعمل في عدة مجالات مثل الأزمة المالية، الأزمة السياسية، الأزمة النفسية، الأزمة الاجتماعية، الأزمة الإحيائية (صحية)..... ، ومن أكثر أسباب نشوء الأزمات، سوء التقدير والتقييم، وقد تكون الأزمة سطحية محدودة الآثار، أو جوهرية، وقد تكون عنيفة صعبة المواجهة.
ما هو مفهوم الزواج ؟
إن مفهوم الزواج مرتبط بالمزاوجة والاقتران والارتباط، ضمن إطار شرعي وقانوني، وأن كل شيء خلقه الله عز وجل على هذه البسيطة يحمل طابع الازدواج، ولا تكتمل مسيرة الوجود وديمومته إلا بالمزاوجة، فعلى المستوى الحيواني على سبيل المثال: عند وصول الذكر والأنثى في الثدييات مرحلة البلوغ الجنسي، تدفعهم غريزة التكاثر التي وضعها الله فيهم للتزاوج و للتناسل دون وجود ضوابط على عملية التزاوج.
ما هي الغرائز الرئيسية للإنسان؟
أما الإنسان  فلديه غرائز متعددة عددها سبعة عشر غريزة (الغريزة هي الميل الفطري للكائنات إلى الاستجابة لسلوكيات معينة أو أنماط سلوكية)، وأحد تلك الغرائز غريزة الجنس، تلك الغريزة التي يتحكم بها الهرمونات الجنسية، فما أن يبلغ الفرد ذكر كان أو انثى حتى تفعل تلك الهرمونات فعلها، وتدفعهم للتزاوج تنفسياً وتفريغاً للطاقة الكامنة في أجسادهم، لكن ليس عشوائياً وإنما بشكل ممنهج وفق الشرائع والقوانين والأعراف الدينية الإسلامية وفق ما شرعها الله لنا.  
ما هي أهم العوامل التي تعيق الزواج؟
أهم العوامل التي تعيق الزواج: يوجد العديد من العوامل التي تحد من إقدام الشباب على الزواج، والتي يمكن أن تصل لمرحلة الأزمة، فعدم زواج الشاب أو تأخير سن زواجه يقابله عنوسة الفتاة
1 – العامل الاقتصادي: 
وهي واحدة من أهم العوائق التي تقف في وجه الشباب للإقدام على الزواج، فلا يكفي أن يختار الشاب أو الشابة قرينه، فالشاب وحسب أغلب الأعراف يحتاج إلى مقومات لإتمام ارتباطه بالفتاة التي اختارها، وعلى رأسها القدرة المادية، فإن كانت قدراته المادية كافية فلا مشكلة لديه، لكن أغلب الشباب في مجتمعاتنا أصبحت معيشتهم في تلك المرحلة تتسم بالضغوط الاقتصادية، ومع ضعف إمكانياتهم المادية، تبدأ مشاكلهم من خلال:
 1-  البحث عن العمل الذي يؤمن له دخلاً يغطي تكاليف معيشته ومعيشة زوجته وأولاده في المستقبل.
 2 تأمين تكاليف الزواج من خطوبة، وإقامة الفرح في الفنادق وصالات الأفراح باهظة التكاليف، والتي أصبحت مظهراً للتباهي والتفاخر بين العائلات، ومن أحد شروط الفتيات وعوائلهم لإتمام الزواج.
3 المغالاة بالمهور: أصبح تأمين المهر غالباً يفوق قدرات الشباب، المغالاة بالمهور من قبل أهل الفتاة أصبحت الصفة السائدة لدى أغلب العائلات، وشرط أساسي يجب أن يحققه الشاب لإتمام زواجه، إضافة إلى جلب للذهب أو الألماس الذي يجب يقدمه للفتاة تعبيرا عن مكانتها أو مكانته الاجتماعية حسب قناعاتهم. 
4-  مشكلة السكن: في أيام آبائنا وأجدادنا كانت الفتاة تربى على أنها لابد من أن تتزوج في سن مبكرة، وأنها ستخرج من بيت عائلتها إلى بيت جديد عليها، هو بيت أهل زوجها، فالبيوت غالباً كانت كبيرةً وواسعةً، والشاب يأخذ غرفة في بيت أهله ويتزوج فيها، ولم يكن يوجد تعقيدات في الزواج تمشياً مع قوله صلى الله عليه وسلم (تزوجوا فإِنَّي مُكاثِرٌ بكم الأُمَمَ، ولَا تكونوا كرهبانِيَّةِ النصارى)، لكن التطور الحضاري أفرز جيل (خاصة الفتيات) لم يعد يقتنع بالأسلوب الذي كان يعيش عليه آباءهم، الفتاة المتعلمة عموماً، والمتعلمة تعليماً عالياً خصوصاً، تقول للشاب أريد بيت مستقل لي، أنا لا أعيش في بيت الأحمى (بيت أهل الزوج)، وهنا الشاب ونزولاً عن رغبة الفتاة، يفكر أن يشتري بيت، لكن أصبح اقتناء منزل أشبه بالمستحيل للشباب في بداية حياتهم، لأن العقارات أصبحت غالية جداً ولا تتناسب أسعارها مع دخول غالبية الشباب، وهنا يتجه الشاب إلى استئجار منزلاً ظناً منه أنه سيجد حلاً لمشكلته، ولكنه اصطدم بواقع مؤلم آخر، وهو الغلاء الفاحش في إيجارات البيوت، والتي غالباً تفوق مدخوله. 
كل ماذكر تجعل الشباب يعزفون عن الزواج، فلم يعد الزواج أمراً ملحاً مثل السابق، وأصبح العزوف عنه هو سيد الموقف والمهيمن على الساحة، وأفرز مشكلة العنوسة أو التأخر في الزواج، وأضحى الشاب يقول في سره (خليني عزابي احسن لي).
2 – العامل الاجتماعي:
    للعادات والتقاليد الاجتماعية المتوارثة في أغلب الدول العربية، دوراً بارزاً في تفشي ظاهرة العزوف عن الزواج، وبالتالي ظهور العنوسة، ومن تلك العادات، رفض زواج القبلي من الحضري، أو رفض زواج ذوى النسب (الأشراف) من من لا نسب له، أو عدم تزويج البنت الصغيرة قبل البنت الكبيرة، أو رفض تزوج الشاب من فتاة أكبر منه سناً، أو رفض أحد أبوي الفتاة أو كليهما تزويج بناتهم من أجل رعايتهما وخدمتهما. 
3- العامل الثقافي:
    أثرت الثقافة الغربية الدخيلة على الثقافة العربية والإسلامية، بما في تلك الثقافة من قيم للحرية اللامحدودة، وعدم الالتزام، واللامسؤولية، على زيادة تنامي ظاهرة العزوف عن الزواج، فهذه الثقافة لاتشجع على الزواج، لأنه بمفهوم تلك الثقافة، ما يمكن تحقيقه داخل إطار الزوجية، يمكن أن يتم خارج إطار الزواج، والتكاليف الباهظة اللازمة للزواج، يمكن أن توفر وتصرف بمجالات أخرى أكثر جدوى حسب رأيهم. 
4- العامل النفسي:
    يتعلق بالمبالغة بمواصفات الشريك، فالفتاة تضع في مخيلتها مواصفات صعبة التحقيق عن الشاب الذي تحلم بالارتباط به، والشاب أيضاً قد يغالي بمواصفات الفتاة التي يبحث عنها، فمثلاً يريدها طويلة، عيونها زرقاء، شقراء .... يبحث عنها وقد لا يجدها.
كذلك عدم نضج الشاب أو الفتاة من حيث جاهزيتهم النفسية للدخول في الزواج وتحمل مسؤولياته، أو أن يعايش الشاب أو الفتاة، لأفراد آخرين من الأهل أو الأقارب، كانوا قد مروا بتجربة زواج فاشلة، ولدت لديهم عقدة الخوف من الخوض بتجربة الزواج، وبالتالي يعزفون عنه.
أزمة الزواج
المقالات