لابد لكل شخص يقوم بعمل أن يتقن عمله وأن يلمَّ بجميع جوانبه قال عليه الصلاة والسلام: "إنَّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" والاتقان هنا لا يكون بالصناعات اليدوية الحرفية فقط بالمقصود فيه أي عمل يقوم به الإنسان على الإطلاق، فكيف إذا كان هذا العمل يساعد على تثبيت أعظم ركيزة من ركائز المجتمع ألا وهي الأسرة.. فهنا يأتي التساؤل
ماذا يجب على المصلح معرفته؟
يجب على المصلح أن يكون عالماً بأحكام المعاملات وما يصح منها وما يحرم، وما يجب على الإنسان وما ينهى عن فعله، فلا يصح في إتمام رشوة مثلا، ويتأكّد هذا في المصلح المختص بالصلح المالي.
أما المصلح المختص بالصلح الأسري فيجب عليه أن يُلِّمَّ بفقه الأسرة من أحكام الطلاق والرجعة والعدّة وشروط النكاح وغير ذلك، حتى إذا عُرِض عليه صلحٌ بين زوجين تم الطلاق بينهما، وانتهت العدّة، فإنّه يُصلح بينهم ولكن تكون الرجعة بعقد جديد.
وأما المصلح الذي يختص بصلح الدماء فيجب عليه أن يكون عالماً بفقه الجنايات، مثل: أنواع الجنايات ومقدار الدِّيات وما يكون حدًّا أو قِصاصاً، كأن لا يدخل في حدٍّ من حدود الله.
الإلمام بالأنظمة والتعليمات التي تصدرها الجهات المختصة:
الصلح ركيزة من ركائز المجتمع فلا يصح أن يستغلّه أحد في الإضرار بالمجتمع ومخالفة أنظمته، مثل: أن يستعمله من يسعى لغسيل الأموال والاتّجار بالمخدِّرات.
أن يتحلَّى بقيم الوساطة، فالوسيط يمثِّل الركيزة الأساسيّة في عملية الصلح والوساطة، فكلّما كانت صفاته الجسديّة والخُلُقيَّة أكثر اتساقاً مع صفات المصلح النموذجيّة كان أجدى أن يكون صُلحه مميّزاً ونتائجه أفضل.
ما أهم المعارف التي يجب أن يكتسبها المصلح؟
الجوانب المهارية للمصلح: هي تلك المهارات العقلية والحسيّة والجسديّة التي يجب أن يمتلكها المصلح لكي يؤدي عمله بفاعلية.
المعارف الشرعية: فقه الأسرة – المواريث – البيع – أحكام الصلح – النفقة – الطلاق – حقوق الزوج على زوجته – حقوق الزوجة على زوجها – الحقوق المشتركة بين الزوجين – الخلع – الحضانة – أحكام النكاح – الزيارة – العوض – المقابل – فسخ النكاح – الزواج – العقود – الولاية – حقوق الطفل من حضانة وتربية وسكن تعليم – أحكام العضل – حقوق الوالدين والعقوق – أحكام البيع – الإيجار – الرهن.
المعارف القانونية: الأنظمة الإدارية في مجال الصلح – لائحة الجمعية – قواعد المصالحة – منصة تراضي – الأنظمة واللوائح – الألفاظ والمصطلحات وتفسيراتها – نظام المرافعات – تزويد المصلحين بالأنظمة واللوائح وتحديثاتها – الإلمام بالتعديلات التي تطرأ على الأنظمة واللوائح أو التعليم التي في مجال اختصاص المصلح – نظام المرافعات الشرعية ولوائحها التنفيذية – نظام الإجراءات الجزائية ولائحته التنفيذية.
المعارف التخصصية: قواعد عمل المصالحة – الصياغة التنفيذية – إدارة الجلسات.
المعارف الاجتماعية العادات والأعراف والتقاليد – الخلفيات الاجتماعية والثقافية – الحاضرة والبادية – المجتمعات القروية – مبادئ العمل الجماعي – الثقافة المجتمعية – قوانين الضبط الاجتماعي ودور شيوخ القبائل – اللهجات – إلمام المصلح بثقافة المنطقة التي سوف يزاول فيها المصالحة.
المعارف النفسية: أنماط الاضطرابات النفسية – علم الاجتماع النفسي – علم النفس الاجتماعي – النظريات النفسية – الحيل الهروبية النفسية – لغة الجسد – تغيرات علم النفس – نظريات المصالحة وتنظيماتها – الفروق الشخصية بين الجنسين.
ما أهم المهارات التي يجب أن يتقنها المصلح؟
مهارات الوساطة:
مهارات الوساطة التوافقية مهارات المقابلة مهارات بناء الثقة – مهارات الملاحظة اللفظية وغير اللفظية – مهارات الاتصال – مهارات توجيه الأسئلة – فهم المشكلة وتقصّي مصادرها – مهارات تلخيص المشكلة – مهارات تحديد الأولويات في المشكلة – مهارة الحوار.
مهارات الإقناع هي مهارات مساعدة للمسترشد في تكوين البصيرة ومهارات لإكساب المسترشد الثقة واتخاذ القرار، ومنها (التخطيط – رواية القصص – ضرب الأمثلة – التحفيز – فن حل المشكلات – التفكير الاستراتيجي – بناء الثقة – الإصغاء – الجاذبية – بناء العلاقات – الإخلاص – البحث – الإنسانية – فن التواصل – اللغة)
مهارات كتابة السند التنفيذي: آلية محاضر الصلح من خلال تطبيق قواعد تنفيذ الأحكام والرجوع إلى الأنظمة ذات العلاقة مثل: نظام التنفيذ ولائحته والنماذج الموحدة للصلح التي أعدَّها مركز المصالحة الموحدة لمحاضر الصلح.
نستنتج مما سبق أن جودة مخرجات المصلح تكمن في توفيق الله له أوّلاً، وصدق نيّته، ثمّ بذله الجهد والوقت في تعلّم واتقان مهارات الصلح، فلا يكفي الصدق أو العلم وحده، بل لابدّ من التعب والسَّهر والاجتهاد في تعلم مهارة كسب الثقة ثم مهارة طرح الأسئلة وفن الاستماع، ثم مهارة الإقناع وإدارة التفاوض.
